Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

الخميس، 5 مايو 2011

وقوع أمريكا وأوروبا في مصيدة الحرب في ليبيا

وقوع أمريكا وأوروبا في مصيدة الحرب في ليبيا


توماس إفناريوس

مترجم للألوكة من اللغة الإنجليزية

ترجمة مصطفى مهدي

نشرَ موقع "قنطرة" للحوار مع العالم الإسلامي مقالاً بعنوان: "الوقوع في شِراك عالم القذافي شديدِ الصِّغر"، كتبه "توماس أفيناريوس"، وترجمه عن الألمانية "كاتي دربشير" يقول: "هل أُغرقت الولاياتُ المتحدةُ في فوضى صراعٍ جديد في العالم الإسلامي؟ إنَّ شبح الحرب الأهلية يخيم بشدةٍ على ليبيا، ويهدِّد استقرار المنطقة لأعوام قادمة، وكذلك فإنَّ هجوم التحالُفِ قد يُغيِّر اتجاه كسب الغرب المصداقية بين صفوف العرب".

وفيما يلي تعليق "توماس أفيناريوس"، حيث يقول:

"لقد خسرت الثَّورة العربية براءتَها؛ فمنذ أن بدأت السُّفن الحربية والطائرات الغربية في قذف قوات القائد الليبي معمر القذَّافي، بدت الثورات التي اندلعت عبر الحدود ضِدَّ النظم المستبدة أمرًا حصريًّا داخل العالم العربي".

فبسبب تدخل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، تواجه الانتفاضةُ فَقْدَ شرعيتها الأصلية، فالثورة ضد حكومة اللُّصوص المليارية تدخل ساحة سياسات القوة الدولية، في الوقت الذي تخشى فيه الدول الغربية خطر أن تُستدرج للوقوع في شراك فوضى حرب جديدة في العالم الإسلامي، من خلال التدخل في ليبيا، فالتدخل ينطوي على أخطارٍ بالنسبة لكلٍّ من العالم العربي والغرب.

بـلا رحمة:

ورغمًا عن ذلك فالثُّوار الليبيون يطالبون بالمساعدة، فهم لا يستطيعون مواجهة آلة القذَّافي الحربية بمفردهم، فخلافًا للرئيسين المخلوعين بمصر وتونس، فإنَّ طاغية طرابلس لا يستحي من استخدام القاذفات والمدفعية والصواريخ ضدَّ شعبه.

وعلى العكس من الدولتين الجارتين فإنَّ بلد القذافي ليس بها مؤسسات مستقلة، وليبيا ليس لديها جيشٌ عامل يمكنه وضع قائد مكانه، كما فعل ضباط مصر وتونس، وهذا هو السبب - وليس التأييد العريض المزعوم من قِبل الشعب - أنَّ القذافي قدر أن يعلن عما ينتظر الثوار، وهو أنَّ ميلشياتِه ستقوم بتطهير البلد "بيتًا بيتًا، حجرةً حجرةً"؛ لسحق هذه الجرذان مؤكِّدًا أنَّه "لن يكون هناك رحمة".

الرِّسالة لا يمكن أن تكون أكثرَ وضوحًا؛ فإنها تقول كلَّ شيء عن طبيعة حكم القذافي، وتفسر لماذا اختار الليبيون أنْ يثوروا، لقد دفعتْ هذه التهديدات لتَدَخُّل المجتمع الدولي؛ حيث أعطى مجلسُ الأمن أمرًا بحماية المدنيين، إلا أنَّ القرار لم يُشِرْ إلى تغيير النظام؛ حيث ترك هذا الأمر لليبيين أنفسِهم.

لقد ظلَّ العقيد القذَّافي يحكم ليبيا الاثنين والأربعين عامًا الماضية، وقدَّم نظامًا غريبًا؛ دولة تُحكم من قبل مجلس شعب، ولكن بلا مشاركة الشعب، بالإضافة لكونه يهمل حتَّى أدنى الحاجات البسيطة للشَّعب مثل الحرية والخدمات الأساسية، فبدلاً من ذلك جعل أغنى دول شمال إفريقيا نفطيًّا ملكيةً خاصة له ولأبنائه المتشرذمين، الذين لا يختلفون عنه في السلوك.

لقد تَوَّج النرجسيُّ الليبي نفسَه قائدًا للعرب، ورأسَ حربة القتال ضد إسرائيل، وملكَ ملوك إفريقيا، وابنه يتفاخر بحسابه المالي في نفس الاتحاد الذي يشارك به "بيل جيتس" صاحب شركات ميكروسوفت، وكذلك فإنَّ أحد صغار أبناء القذافي والذي قام بعمل رسالة الدكتوراه الخاصة به حول المجتمعِ المدني، فإنه وأخاه قادا عمليات الذَّبح العسكرية ضد المخالفين.

الطيارون العرب ضدَّ القذافي:

إنَّ هذا النظام الليبي المستبد ما تحاربه الانتفاضةُ، فالثوار ليسوا قلةً مدفوعة من قبل القاعدة كما يريدنا القذافي أن نعتقد، بل لديهم أهداف معقولة مثل: إنهاء نظام القذَّافي، وحرية اختيار النظام السياسي في مجتمعهم.

الانتفاضة ربما بدأت بالشَّرق المتصف بالتمرد، وفي الوقت ذاته كان الليبيون في غرب البلاد يتظاهرون، ويحرقون أقسامَ الشرطة ورموزًا أخرى للنظام المحتقَر، لقد أخمد القذَّافي الثورات في الغرب وقَتَلَ المدنيين.

نعم، قد يكون لديه قليلٌ من الأنصار في المقاطعات الطرابلسية، أقل مما قد تبديه مظاهراته المُعدة بعناية، فبمجردِ أنْ يبدأ جيشُه في المحاربة سيظهر المزيد من الثوار.

لقد أُجبر المجتمع الدولي على التدخل؛ للتصدي للمذبحة المتوقَّعة في المنطقة الواقعة تحت قبضة الثوار في بنغازي، والبلدان المشاركة في الحرب تحقق أهدافها بصورة طبيعية بقدرٍ كافٍ؛ فالأمر لا يتعلق بالبترول كما يُقال غالبًا، لأنَّ القذافي يصدِّر الموادَ الخام بصورة واضحة، وألمانيا - التي امتنعت من المشاركة في حرب ليبيا - واحدةٌ من أفضلِ زبائنه.

ولكنْ بالنسبة "لساركوزي فرنسا" على سبيل المثال، فإنَّه يواجه انتخاباتٍ جديدة، ودوره كقائد عسكري شجاع عدواني سيساهم في تحسين صورتِه، والتي عانت من جراء الحرج الذي تسبب فيه وزراءُ حكومته؛ بسبب رحلاتهم مدفوعةِ الأجر للديكتاتورية التونسية.

ولكنَّ هذا - ساركوزي - الذي يريد أن يصبحَ نابليون، ليس بقائد عسكري، بل أحد قادة الدولة المسؤولين عن التدخل العسكري، والذي لم يسلكْ طريقَ الانسحاب الألماني من الأمر على حساب مصداقيتِه، وسيظلُّ "ساركوزي" رهنَ القيود الشديدة التي يفرضها عليه زملاؤه.

ومن الأمور المهمة الأخرى اشتراكُ البلدان العربية في التدخل العسكري، فقد سبقت الجامعةُ العربية مجلسَ الأمن في الدعوة إلى فرض منطقةِ حظرِ طيرانٍ جوي على ليبيا، وإن كان هذا غير كافٍ؛ حيث يجب على الطَّيران العربي المقاتلة ضدَّ القذافي، فهذا الطريق الوحيد لدحض النزاع العربي القديم، بأنَّ التدخل العسكري عدوانٌ استعماري وصليبي، يهدف لتأمين حقول البترول لصالحهم.

إذا ما قام الغرب وقليل من الدول العربية بتحمُّلِ مسؤولية التدخل، فإنَّ الثوار سيكون لديهم فرصة لطرد القذافي، وهذا ما قد يقلِّل من مخاطر احتمالاتِ نشوب حربٍ أهلية في منطقة البحر المتوسط، قد تعرِّض المنطقة لعدم الاستقرار لأعوام مقبلة، وكذلك فقد يعطي أملاً أن يكسب الغربُ المصداقية في العالم العربي، وبالطبع عددٌ من القادة العرب ممن على وفاق معه.

0 التعليقات:

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Blogger Templates | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة